حجة الإسلام والمسلمين الحاج الشيخ نوح ماني

الجمعة, 26 آب/أغسطس 2022

حجة الإسلام والمسلمين الحاج الشيخ نوح ماني (1956 – 2020م) الشهير بـ"خميني السنغال"، عالم شيعي، وأول من قام بترويج مدرسة أهل البيت(ع) في جنوب السنغال. قضى سنوات طويلة من حياته المباركة لترويج ونشر مدرسة أهل البيت(ع)، كما أنشأ مراكز ثقافية عديدة كالمسجد، والحوزة العلمية، ومدارس لتعليم القرآن واللغة العربية.

كان الشيخ ماني على مذهب أهل السنة، لكن بعد أن تأثر بالإمام موسى الصدر رغب إلى مدرسة أهل البيت(ع)، وبعد الكثير من البحث والدراسة أدرك أحقية هذا المذهب، واختار مذهب التشيع، وبعد اعتناقه لمدرسة أهل البيت(ع) بذل جميع جهوده في سبيل تبليغ وترويج هذه المدرسة المشرقة، فكان نجاحه في هذا السبيل كشوكة في عيون أعداء الشيعة.

كان الشيخ ماني العضو السنغالي في الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت(ع)، وانتهز هذه الفرصة لترويج معارف أهل البيت(ع)، وخدمة أتباع ومحبيهم.

حياته

ولد الشيخ نوح ماني عام 1956م في قرية كولان في منطقة زيغينشور في جنوب غرب السنغال في عائلة متدينة وسنية. كان من قبيلة بالانت (Balanta)، إحدى أشهر القبائل هناك، وكان والده الشيخ فامرا ماني أحد علماء أهل السنة في المنطقة، حيث تأثر سكان مسقط رأسه بأنشطته التبليغية، فتركوا دين الوثنية، واعتنقوا الإسلام.

الدراسة

عندما كان صغيرا تعلم الشيخ ماني القرآن الكريم والقراءة والكتابة من والده، وفي نفس السنوات حفظ معظم القرآن الكريم، ثم ذهب إلى دولة غامبيا في غرب إفريقيا لمواصلة دراسته، حيث تعلم هناك مقدمات العلوم الإسلامية واللغة العربية، وقد ذهب لفترة وجيزة إلى مدينة تيواون في غرب السنغال (وهي تعد من المراكز الصوفية في السنغال، ومقر الفرقة التيجانية في غرب إفريقيا) لمواصلة دراسته الدينية، ثم سافر إلى لبنان.

واصل الراحل ماني دراسته عام 1971م في معهد الدراسات الإسلامية في مدينة صور اللبنانية، الذي أسسه الإمام موسى الصدر، وأغلق المعهد بعد أن اختطف النظام الصهيوني الإمام موسى الصدر خلال رحلة إلى ليبيا، فذهب الشيخ ماني إلى مدرسة آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي في بيروت لمواصلة دراسته، وبعد استشهاد آية الله السيد حسن الشيرازي عاد إلى السنغال، واشتغل بالتبليغ والأنشطة الثقافية.

اعتناق المذهب الشيعي

كان الشيخ ماني سنيًا في الأصل. وقبل رحلته إلى لبنان سافر إلى ليبيا لمواصلة دراسته في العلوم الإسلامية، لكن المدراس الدينية في هذا البلد لم تقبله، فذهب إلى مصر وجامعة الأزهر، فلم يقبلوه هناك أيضاً، ثم سافر الراحل ماني إلى العراق، لكن هذا السفر تزامن مع عهد حكومة أحمد حسن البكر الذي أخرج الأجانب من العراق؛ لذلك لم يستطع البقاء في هذا البلد أيضًا، فذهب إلى سوريا، وبناءً على نصيحة أحد أصدقائه في سوريا، ذهب إلى لبنان والتحق بمعهد الدراسات الإسلامية، وذلك لدراسة العلوم الإسلامية.

بدأ الشيخ ماني الدروس الحوزوية على أساس الفقه الشيعي في معهد الدراسات الإسلامية. وفي المدرسه نفسها؛ وبسبب علاقته بالإمام موسى الصدر بدأ يميل إلى المذهب الشيعي، وبعد إغلاق معهد الدراسات الإسلامية، وأثناء دراسته في مدرسة آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي في بيروت، اعتنق المذهب الشيعي الحق.

وينقل السيد محمد شهابي، الناشط الثقافي في غرب إفريقيا، عن الشيخ ماني قوله:

"في مدرسة السيد حسن الشيرازي، تابعت دروس الحوزة بجدية أكبر... فحينما كنت في هذه المدرسة آمنت بالمذهب الشيعي على نحو القطع واليقين، وشعرت أن العقائد الشيعية قد ترسخت في وجودي".

الترويج للتشيع في جنوب السنغال

يُعرف حجة الإسلام ماني بأنه مؤسس الترويج للمذهب الشيعي في منطقة كازامانس بجنوب السنغال، فقبل بدء نشاطه التبليغي لم يكن التشيع معروفًا في جنوب السنغال، وبحسب الإحصائيات المقتبسة منه، حتى عام 2005م، كان هناك أكثر من ألفي شخص شيعة حقيقيين، وأكثر من خمسة آلاف شخص اعتنقوا المذهب الشيعي، ولكنهم ما زالوا لا يعملون وفق أحكامه.

وبدأ الفقيد التبليغ بالقرآن الكريم، ومن خلال الآيات القرآنية أثبت حقانيّة ولاية الإمام علي (ع) والمذهب الشيعي. ونظرًا إلى أن معظم سكان السنغال هم مسلمون وذوو ميول صوفية، فقد اعتقد الراحل الشيخ ماني أنه لا توجد شروط للتقية في السنغال؛ لذلك دعا وبشكل علانية إلى المذهب الشيعي، كما جلب له هذا العمل جملة من المشاكل والصعوبات، ولكن بسبب شجاعته وابتعاده عن الانفعال أصبح يُعرف باسم "خميني السنغال". كانت نشاطات ماني التبليغية في السنغال أشبه بشوكة في عين أعداء مدرسة أهل البيت (ع)، لدرجة أن الدعاة الوهابيين عبروا عن قلقهم من نشاطاته.

الخدمات الاجتماعية والثقافية

بالإضافة إلى النشاطات التبليغية، قدم الشيخ ماني خدمات اجتماعية قيمة، وأنشأ العديد من المراكز الثقافية في السنغال، ومن أهمها هي:

* تأسيس مدرسة الرسول الكريم (ص) في مدينة زيغينشور عام 1983م

* إنشاء مسجد الرسول الأعظم (ص) في مدينة زيغينشور

* تأسيس مدارس عربية تابعة لمدرسة الرسول الأعظم (ص) في مناطق أخرى من السنغال، وكذلك في دولة غينيا بيساو

* إطلاق برنامج خاص على إذاعة السنغال الرسمية في زيغينشور؛ على الرغم من معارضته، فقد أطلق البرنامج بمساعدة خاله سليمان ساج السنغالي البارز، وبيّن المعارف القرآنية والشيعية باللغة الفرنسية (اللغة الرسمية للسنغال) والعربية.

* من خلال إنشاء مدرسة قرآنية وحوزة علمية في السنغال، بدأ نوح ماني بتربية الطلاب الذين انشغلوا بتبليغ المذهب الشيعي في المدن والمناطق المجاورة لزيغينشور، كما تم إيفاد طلابه إلى قم ومشهد في إيران لمواصلة دراستهم.

الخصائص الأخلاقية

كان أسوة الشيخ ماني في أخلاق هو الإمام موسى الصدر وسلوكه. وقد عرف رحم الله بصفاته الأخلاقية والسلوكية من أخلاقه الحسنة، وشجاعته، وكرمه، وعدم اعتنائه بالمال والدنيا، والصبر على الشدائد، والصوم وإحياء الليل؛ وبسبب هذه الصفات الأخلاقية، وكذلك الخدمات الاجتماعية التي كان يؤديها، كان يحظى باحترام الشيعة وأهل السنة في منطقته.

الوفاة

أخيراً وبعد حياة من الجهاد العلمي والثقافي لترويج مدرسة أهل البيت (ع)، توفي حجة الإسلام ماني في 17 أغسطس سنة 2020م؛ ليودع الحياة الفانية إلى الباقية في مدينة زيغينشور، ودفن في مسقط رأسه كولان مع والديه. وعقب وفاة هذا الداعية الشيعي أقيمت له مجالس تأبين، وبعثت مؤسسات مختلفة رسائل تعزية منفصلة برحيل الشيخ ماني إلى الطائفة الشيعية في السنغال، مثل جمعية علماء أهل البيت (ع) في السنغال، والمجمع العالمي لأهل البيت (ع)، وجامعة المصطفى العالمية.

جاء في جزء من رسالة التعزية التي بعثه المجمع العالمي لأهل البيت (ع):

 

 

 

المجمع العالمي لأهل البيت (علیهم السلام)

المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، منظمة غير حكومية وعالمية شيعية تعنى بنشر معارف أهل البيت عليهم السلام وترسيخ الوحدة الإسلامية والعمل على اكتشاف وتنظيم أتباع العترة الطاهرة (ع) وتعليمهم ودعمهم.

أنشئت المنظمة علي يد نخبة من الشيعة ويشرف عليها الولي الفقيه والمرجعية الشيعية العليا.

قد قامت المنظمة منذ تأسيسها بدور إيجابي في المستوي العالمي في ترسيخ أسس الوحدة بين مختلف المذاهب الإسلامية.

  • ایران - تهران - بلوارکشاورز - نبش خیابان قدس - پلاک 246
  • 88950827 (0098-21)
  • 88950882 (0098-21)

اتصل بنا

موضوع
البريد الإلكتروني
الرسالة
1+4=? قانون الضمان