الشيخ حسن مالوبا (۱۹۵۷-۲۰۲۱م) عالم دين ومبلغ لمدرسة أهل البيت (ع) في منطقة شرق أفريقيا. كرّس عمره المبارك في ترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة السواحيلية، مما وفر الأرضية لنقل معارف الإسلام الأصيل إلى المتكلمين باللغة السواحيلية، وذلك بترجمة القرآن الكريم إلى تلك اللغة، حيث كان له دور فعال في تعريفهم بالمعارف الإسلامية الأصيلة، ومن فعالياته الأخرى أنه ترجم تفسير (الكاشف) للعلامة محمد جواد مغنية من سلسلة مكونة من 30 مجلدًا إلى اللغة السواحيلية، وبذلك قدم خدمة كبيرة إلى المسلمين في شرق أفريقيا، ولاقى ترحيبا كبيرا من قبلهم في تلك البلاد.
كان هذا المترجم البارع للقرآن الكريم من المرتبطين بالمجمع العالمي لأهل البيت (ع)، وفضلا عن ترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة السواحيلية أسس مدرسة أمير المؤمنين في مدينة ماتوغا، كما أنه كان يدرس أيضا معارف أهل البيت (ع).
الشيخ حسن مالوبا، ولد في 8 نوفمبر 1957م بمدينة تنجا في كينيا، والتحق بمدرسة الشمسية، واتقن اللغة العربية في سن مبكرة. التحق بمؤسسة بلال للتبليغ الإسلامية في مومباسا الكينية، لمزيد من الدراسات الإسلامية، وذلك تحت إشراف مولانا الشيخ ظفر عباس، الذي ما زال حياً الآن في بريطانيآ. قبل أن يعود إلى تنزانيا، عمل لفترة وجيزة كمدرس في مدينة ماكينون رود Mackinnon Road في كينيا، وقد تزوج هناك.
كما قام بالسفر إلى طهران ولمدة ثلاث سنوات وتعلم فيها الدروس الحوزوية، وخلال إقامته في طهران، تعرف على بعض أساتذة الحوزة العلمية البارزين، من بينهم الشقيقان آية الله هادي المدرسي، ومحمد تقي المدرسي. وكان يرى العلامة محمد تقي المدرسي أن شيخ حسن مالوبا لا يُستفاد منه بشكل كاف، وأَّنَّه عليه أن يعمل أكثر في بلده، مما دفع مالوبا للعودة إلى مومباسا.
النشاطات الثقافية والعلمية في شرق أفريقيا
في مومباسا، بدأ الشيخ حسن مالوبا بترجمة الكتب من اللغة العربية إلى اللغة السواحيلية. ومن جملة العناوين التي انكب عليها كتاب تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي، حتى أكمل الجزء الثلاثين منه، وقبل وفاته كان يعمل على نشر الطبعة الثانية من الجزء الثلاثين من تفسير الميزان.
أسس مدرسة أمير المؤمنين مع الشيخ عبد اللهي ناصر في ماتوجا، وتمكن من إرسال 35 طالبًا على الأقل إلى الخارج، لمواصلة دراستهم في العلوم الإسلامية، وحصل العديد من هؤلاء الطلاب على درجات علمية مختلفة، ويعملون الآن كأئمة ومعلمين... وغيره في مراكز مختلفة في شرق إفريقيا من أجل خدمة الناس، وحوالي 3000 طالب درسوا مباشرة عند المرحوم الحاج الشيخ حسن مالوبا، ويتم ذكره دائمًا كنموذج يحتذى به.
عقد الشيخ مالوبا العديد من الندوات والدورات للمعلمين في مختلف المؤسسات، وذلك لمساعدتهم حتى يرفعوا من مستواهم العلمي.
وقد سجل مجموعة من الأنشطة في البرامج التلفزيونية لـ IBN TV أفريقيا، حتى وقت وفاته، وعقد دروسًا عبر الإنترنت في مؤسسة بلال للتبليغ الإسلامي في كينيا، خلال تفشي وباء كورونا.
التعاون مع مؤسسة العترة في دار السلام تنزانيا
كان للشيخ مولوبا مشاريع للترجمة مع مؤسسة العترة في دار السلام (أكبر مدينة في تنزانيا)، والتي كان يسافر إليها لمدة 10 أيام في كل شهر لضمان اكتمال المشاريع. كانت مشاريعه الرئيسية مع مؤسسة العترة على النحو التالي:
* قام بترجمة تفسير (الكاشف) للعلامة محمد جواد مغنية من سلسلة مكونة من 30 مجلدًا إلى اللغة السواحيلية
وقد أثنى الكثيرون على هذا النشاط، حيث يستشهد العديد من أئمة المساجد الأفريقية بهذا التفسير. كتب في مقدمة الكتاب: "أوجه كلامي وبشكل رئيسي في ترجمة هذا الكتاب إلى الجيل الجديد من الشباب المتأثرين بالأيديولوجيات الغربية، مثل الرأسمالية والاشتراكية والديمقراطية. وقد ذكر مالوبا إن الشباب المسلم الأفريقي بحاجة ماسة إلى فهم جديد للإسلام بدلاً من الأفكار الغريبة التي تأتي يوميًا من خلال الكتب الإنجليزية، ويتم ترويجها عن طريق المجلات والتلفزيون والراديو".
* ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة السواحيلية
وفقًا لمؤسسة العترة الإسلامية، يمكن استخدام هذه الترجمة للقرآن من قبل مختلف الفئات العمرية، كما أنها تسهّل تعلّم آيات القرآن. وفي هذا النسخة توجد آيات القرآن على الصفحة اليمنى وترجمتها إلى اللغة السواحيلية في الصفحة المقابلة. يعتقد مالوبا أنّه لا ينبغي لمترجم القرآن أن يكتفي بإجادة اللغة العربية والعلوم الإسلامية والتبحر فيها فحسب، وكذلك لا ينبغي أن يكتفي المترجم بفهم الوحي الإلهي فقط؛ بل ينبغي أن يشعر بكل جوانب الوجود بقلبه.
بالإضافة إلى ذلك، قام بتحرير وقراءة العديد من الكتب السواحيلية الأخرى، والتي تم نشر البعض منها، وكان تواضعه وصدقه وعمله الجاد وانضباطه من الأمور البارزة فيه. ولعب دوراً رئيسيًا في نشر مذهب أهل البيت (عليهم السلام). كما قام مالوبا بترجمة مقالتين من تأليف هادي ومحمد تقي المدرسي إلى اللغة السواحيلية.
الوفاة
توفي الشيخ حسن مالوبا يوم الأحد 25 يوليو سنة 2021م، الموافق 14 ذي الحجة سنة 1442 هـ، في مومباسا بكينيا، ودفن في اليوم التالي في ماتوجا.
وصفه الحاج شبير النجفي، رئيس مجمع إفريقيا، في برقية تعزية لأسرة المغفور إنَّ الشيخ حسن مالوبا، كان كمصباح منير الذي أضاء قلوب وأرواح الكثير من طلاب وأتباع أهل البيت (عليهم السلام)، في السنوات العديدة التي قضاها في التبليغ. لقد كان رجلاً متواضعاً، ومخلصاً، وواسع الاطلاع، وأميناً، ولن يكون من السهل أن يجبر فقده وخسارته.
المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، منظمة غير حكومية وعالمية شيعية تعنى بنشر معارف أهل البيت عليهم السلام وترسيخ الوحدة الإسلامية والعمل على اكتشاف وتنظيم أتباع العترة الطاهرة (ع) وتعليمهم ودعمهم.
أنشئت المنظمة علي يد نخبة من الشيعة ويشرف عليها الولي الفقيه والمرجعية الشيعية العليا.
قد قامت المنظمة منذ تأسيسها بدور إيجابي في المستوي العالمي في ترسيخ أسس الوحدة بين مختلف المذاهب الإسلامية.