الأستاذ أحمد حسين يعقوب (1939 – 2007م)، من الأساتذة والشخصيات الشيعية البارزة في الأردن، تأثر بنهضة الإمام الحسين عليه السلام ضد الحكم الأموي الجائر، فرغب إلى مذهب التشيع الحق، وبعد الكثير من البحث والدراسة، وخاصة بعد مطالعة كتاب "المراجعات" القيّم من تأليف العلامة شرف الدين، وجد ضالته، واعتنق المذهب الشيعي الحق، وفي هذا السبيل تحمل ما تحمل من أذى أعداء الشيعة بكل وجوده، حيث قام الوهابيون بمضايقته بسبب انتمائه للمذهب الشيعي، فاضطر إلى ترك موطنه، لكن كل هذا الاضطهاد لم يجعله يتخلى عن أهدافه العليا، بل ورغم كل هذا الاضطهاد تحول إلى مروج ومبلغ لمدرسة أهل البيت عليهم السلام، وخصوصا نهضة عاشوراء، وترك تأليفات قيمة في الدفاع عن المذهب الشيعي.
كان الراحل أحمد حسين يعقوب عضوا في الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام.
سيرته الذاتية والدراسة
ولد أحمد حسين يعقوب في الأردن، مدينة جرش عام 1939م، في أسرة شافعية المذهب ووالده الشيخ حسين ينتسب إلى "العتوم"، وهي تعود إلى قبائل عربية أصيلة. بدأ دراسته في مسقط رأسه، ثم توجه إلى مصر لإكمال دراسته في مرحلة الإعدادية حتى حصل على الثانوية العامة من مصر، ثم لأكمل دراسته سافر إلى سوريا والتحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق، ثم سجل للدراسات العالية، دبلوم القانون العام في الجامعة اللبنانية، وبعد تخرجه عمل كمحامي وخطيب جمعة ورئيس بلدية.
إنهيار التصور القديم عن التاريخ الإسلامي
يقول أحمد حسين يعقوب: "سافرت إلى بيروت لمناقشة بحث قدمته للجامعة اللبنانية عن رئاسة دولة الخلافة في الشريعة والتاريخ وهو تقليدي، من جميع الوجوه، ويحمل وجهة نظر العامة ومعتقداتها في هذا المجال. وأثناء وجودي في بيروت قرأت بالصدفة كتاب "أبناء الرسول في كربلاء" لخالد محمد خالد، ومع أنّ المؤلف يتعاطف مع القتلة، ويلتمس لهم الأعذار إلاّ أنني فجعت إلى أقصى الحدود بما أصاب الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيت النبوة وأصحابهم. وكان جرحي النازف بمقتل الحسين هو نقطة التحول في حياتي كلّها، وأثناء وجودي في بيروت قرأت كتاب "الشيعة بين الحقائق والأوهام" للسيد محسن الأمين، وكتاب "المراجعات" للسيد عبد الحسين شرف الدين العاملي، وتابعت بشغف بالغ المطالعة في فكر أهل بيت النبوة وأوليائهم، فتغيرت فكرتي عن التاريخ كله، وانهارت تباعاً كل القناعات الخاطئة التي كانت مستقرة في ذهني".
المعرفة بأهل البيت (عليهم السلام)
عن كيفية تعرفه بأهل البيت (عليهم السلام) يقول أحمد حسين رحمه الله: "لقد تبيّن لي: أنّ أهل بيت النبوة ومن والاهم موالاة حقيقية هم المؤمنون حقاً وهم الفئة الناجية، وهم شهود الحق طوال التاريخ، وأنّ الإسلام النقي لا يُفهم إلاّ من خلالهم، فهم أحد الثقلين، وهم سفينة نوح، وهم باب حطة، وهم نجوم الهدى، ولولا هم لضاع الاسلام الحقيقي ولما بقي للحق من شهود، لقد رفعوا لواء المعارضة طوال التاريخ، وتحملوا في سبيل الله فوق ما يتحمله البشر حتى أوصلوا لنا هذا الدين الحنيف بصورته النقية الكاملة المباركة. وباختصار شديد لقد اهتديت وعرفت أن لأهل بيت النبوة قضية عالمية عادلة، وعاهدت ربي أن ادافع عن هذه القضية ما حييت، فكانت كل مؤلفاتي مرافعات ومدافعات عن عدالة هذه القضية، واستنهاضات للعقل المسلم خاصة وللعقل البشري عامة لينتقل من التقليد الأعمى إلى الايمان المستنير المبدع".
وقبل أن يعلن عن اعتناقه أحمد حسين يعقوب بالمذهب الشيعي، كان لديه رحلة إلى طهران، وشارك في المجالس العزاء التي كانت تقام في إيران ما جعله أن يسرع في اعتناقه للمذهب الشيعي، فيتحدث قائلا عن تلك الفترة أنه كان برفقته شخص، فقال له: ترجم لي حرفياً ما يقوله هذا الجمع، فقال له: إنهم يقولون لن نكون كالذين تركوا إمامهم وحيداً، نحن معك يا إمام، فانفجرت بالبكاء وعرفت أن الإمام الذي ترك وحيداً ليقاتل جيش الخلافة وحده هو الإمام الحسين عليه السلام!! في ذلك اليوم بالذات نبتت في ذهني وقلبي فكرة الكتابة عن مذبحة كربلاء، وتكونت لدي القناعة بضرورة الوقوف على تفاصيل تلك المذبحة، ونذرت جزءاً من وقتي لهذا الموضوع، وبدأت أقرأ وأجمع وأخزن لهذه الغاية، وكلما زرت مقام السيدة زينب عليها السلام في ضواحي مدينة دمشق، كنت أستعرض صور المأساة، وتتعمق وتتأصل وتتجدد عن كربلاء.. استعنت بالله، وشمرت عن ساعدي، وبدأت كتابة هذا البحث، بلغة العصر وروحه، وكانت فترة كتابته من أقسى وأكثر فترات عمري حزناً على الإطلاق، فقد كنت أنفعل مع الأحداث وأبكي مرات عديدة يومياً، وأي إنسان لا تبكيه فصول مأساة كربلاء!!
نحو التشيع
أحمد حسين يعقوب، بعد اعترافه بانحراف أسلافه عن الحق، وإبداء أسفه عن عقائدهم وما ذهبوا إليه، اعتنق التشيّع عام 1408 هـ وقرر احترام الحقائق التي توصل إليها وأن يبذل قصارى جهده لتبيين هذه الحقائق. وأول خطوة بادر إليها أنه أبلغ زوجته وأولاده اعتناقه مذهب الجديد، وعرّف عائلة بمدرسة أهل البيت عليهم السلام، وقد اعتنقوا المذهب الشيعي عندما استمعوا إلى ما وجهه إليهم الشيخ أحمد حسين، وبعد تشيعه وكتاباته القيمة التي كتبها تعرض للمضايقة الشديدة في مجال عمله، وأيضا من الوهاببين الذين كانوا يقطنون معهم، فأحيل إلى التقاعد مما اضطره إلى الهجرة من الأردن إلى الولايات المتحدة الأميركية مع زوجته وقسم من أولاده سنة 2003 للميلاد.
الوفاة
بقي أحمد حسين حتى نهاية عمره في الولايات المتحدة الأميركية، لبى نداء به فجر يوم 12 شهر رمضان المبارك لعام 1428 هـ ق، وبناء على وصيته، نقل جثمانه من أمريكا، ودفن في أردن وتحديدا في مسقط رأسه.
التأليفات والأعمال
كان المرحوم الشيخ أحمد حسين يعقوب حكيماً عاقلاً وصاحب مبدأ وامتاز بالفكر الدقيق والمنظم في كتاباته كلها، فمن يقرأ له يلاحظ المنطقية والمنهجية الأكاديمية في كتاباته وأفكاره حيث يسلسل الأفكار بشكل منطقي بعيداً عن التلاعب بالعواطف والمتاجرة بها، وقد ترك وراءه كتبا ومقالات، وذلك بعد اعتناقه المذهب الشيعي، منها:
قال المؤلف في تعريفة لهذا الكتاب الكتاب: "بهذا البحث المتواضع حاولت جهدي إثبات أن ما أنزله الله شيء، وأن فهمنا له شيء آخر، وأن الانهيارات التي بدأت بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) وتوالت حتى اقتلعت النظام السياسي الإسلامي من واقع الحياة، لم تكن بسبب علّة في الدين ولا لنقص أو خطأ في منظومته الحقوقية الخالدة، إنما بسبب المسلمين الذين بدلوا نعمة الله، بما تهوى الانفس بدلاً من حكم الله".
المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، منظمة غير حكومية وعالمية شيعية تعنى بنشر معارف أهل البيت عليهم السلام وترسيخ الوحدة الإسلامية والعمل على اكتشاف وتنظيم أتباع العترة الطاهرة (ع) وتعليمهم ودعمهم.
أنشئت المنظمة علي يد نخبة من الشيعة ويشرف عليها الولي الفقيه والمرجعية الشيعية العليا.
قد قامت المنظمة منذ تأسيسها بدور إيجابي في المستوي العالمي في ترسيخ أسس الوحدة بين مختلف المذاهب الإسلامية.