آية الله أبو القاسم الخزعلي (1925ـ 2015م) كان فقيها، وخطيبا ومن علماء الدين السياسيين في ايران، وقد كرس حياته لمقارعة النظام البهلوي وكذلك اعلاء راية نظام الجمهورية الإسلامية المقدس. وقد كان المرحوم من علماء الدين الذين كان لهم دور فاعل في انتصار الثورة الإسلامية في ايران، ومن الشخصيات الوجيهة في نظام الجمهورية الإسلامية في ايران. وكان من المناصب التي تولاها المشارکة في صياغة دستور الجمهورية الإسلامية وكذلك العضوية في لجنة مراجعة الدستور، وعضوية مجلس صيانة الدستور، وعضوية مجلس خبراء القيادة، ومجمع تشخيص مصلحة النظام. وهو أيضاً مؤسس مؤسسة الغدير العالمية، ومن مؤسسي المجمع العالمي لأهل البيت (ع) وكان لمدة عضو الهيئة العليا لهذا المجمع.
الخزعلي من تلاميذ آية الله البروجردي والإمام الخميني في الفقه والأصول وتلميذ العلامة الطباطبائي في الفلسفة الإسلامية. ومن أعماله تفسيرأنوار جاودان (الأنوار الخالدة) بمجلدين.
حياته ودراسته
وُلد آية الله أبو القاسم الخزعلي، في عام 1925م. في بروجرد. حين كان في العاشرة من عمره هاجر برفقة اسرته وبعض أقاربه الى بلدة مشهد المقدسة، وحطّ رحاله الى جوار المضجع النوراني لثامن الائمة (ع).
بدأ دراسة العلوم الدينية في الحوزة العلمية في مشهد؛ فدرس الصرف والنحو على يد الشيخ علي اکبر الدامغاني، وقرأ کتاب مغني اللبيب عند المحقق القوچاني. ودرس المعالم، واللمعة والقوانين عند سيد احمد اليزدي، وتعلم الرسائل، والمکاسب والکفاية على يد الشيخ هاشم القزويني، وقسم من الکفاية عند الشيخ مجتبى القزويني. وبعد ذلك توجه الى مدينة قم، وحضر درس الخارج في الفقه لآية الله البروجردي، والخارج في الاصول للإمام الخميني (ره). وفي دروس الفلسفة، درس الاشارات على يد آية الله الشيخ جواد خندقآبادي الطهراني، ودرس المنظومة والأسفار عند العلامة الطباطبائي. وتتلمذ مدّة عند العارف الكبير سماحة آية الله محمد تقي بهجت. وكان أيضاً حافظاً للقرآن الکريم ونهج البلاغة.
تزوج الخزعلي في عام 1948م. بطاهرة الکلباسي، وأنجبت له تسعة أولاد؛ استُشهد أحدهم في شهر نيسان من عام 1978م. في أحداث المواجهات الثورية ضد النظام البهلوي.
نشاطاته قبل انتصار الثورة الإسلامية
قُضي شوط مديد من حياة آية الله الخزعلي بالنضال ضد النظام البهلوي. وكان من بوادر تحركاته ضد النظام البهلوي، كلمة ألقاها في مدينة رفسنجان أدت الى اعتقاله ونفيه الى منطقة گناباد في خراسان. وسُجن في احدى المرات في سجن قزل قلعة، ونُفي ثلاث مرات أيضاً الى مدنٍ مثل دامغان التابعة لمحافظة سمنان، والى زابُل وهي من المدن الحدودية لسيستان وبلوشستان. عندما كان منفياً في زابل وآية الله الخامنئي منفياً في ايرانشهر، ذهب آية الله الخامنئي للقائه هناك. وكان السبب وراء نفيه الى زابل أنه وقع بياناً في الاعلان عن دعمه لمرجعية الإمام الخميني في عام 1970م.
كان الخزعلي كثيراً ما يسافر في عقد الستينيات من القرن الماضي لأغراض الوعظ والإرشاد الى بقاع مختلفة من ايران، وخاصة الى محافظة خوزستان.
من النشاطات الاخرى للمرحوم الخزعلي القاء محاضرات في حسينية الإرشاد؛ حيث انه ألقى في عام 1969م. عدداً من المحاضرات في هذه الحسينية، كان يركز فيها على ضرورة النشاطات الثقافية ومنها تأسيس المكتبة.
كان آية الله الخزعلي عضواً في جماعة مدرسيي الحوزة العلمية في قم، وفي السنوات التي سبقت انتصار الثورة الإسلامية، كان له تعاون وثيق تعاون وثيق مع هذه المؤسسة الحوزوية، وكان يشارك بكل قوة في المواجهة التي كان يخوضها ذلك المرکز ضد النظام البهلوي. وفي قضية جمعيات المقاطعات والولايات، حمل رسالة من الإمام الخميني (ره) لعلماء نجفآباد.
نشاطاته بعد انتصار الثورة الإسلامية
بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران أصبح آية الله الخزعلي عضواً في مجلس خبراء الدستور الذي كُلف بمهمة صياغة دستور الجمهورية الإسلامية في ايران. كما أصبح أيضاً بحکمٍ من الإمام الخميني (ره) عضواً في فقهاء مجلس صيانة الدستور، واُنتخب في ثلاث دورات كممثل لأهالي محافظة خراسان في مجلس خبراء القيادة. وفي خضم الحرب التي شنها نظام البعث العراق ضد ايران، توجه عدة مرات الى جبهات حرب الحق ضد الباطل.
المسؤوليات في نظام الجمهورية الإسلامية
تولى بعض المسؤوليات من بعد انتصار الثورة الإسلامية، وكانت كالآتي:
النشاطات العلمية والثقافية
من أهمّ النشاطات الثقافية لآية الله الخزعلي تأسيس مؤسسة الغدير العالمية. وتولى هو رئاسة هذه المؤسسة العالمية. كان المرحوم الخزعلي أيضاً من مؤسسي المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، وكان لمدّة يمارس دوره في هذا المجمع بصفته عضو في هيئته العليا.
تراثه المکتوب
تأليفات آية الله الخزعلي عبارة عن:
كما دوّن مذكراته وتحليلاته لمرحلة الثورة الاسلامية ونضال العناصر الثورية في کتاب يحمل عنوان: «خاطرات آية الله أبو القاسم الخزعلي». وقد صدر هذا الكتاب بجهود دار نشر مرکز وثائق الثورة الإسلامية.
وفاته
أُصيب آية الله أبو القاسم الخزعلي بمرض توفي على اثره بعد مدة وذلك بتاريخ 16/9/2015م. في طهران. وشُيع جثمانه طهران بمشاركة شرائح مختلفة من أبناء الشعب وشخصيات سياسية ودينية، وبعد الصلاة على جثمانه من قبل آية الله احمد جنتي، نُقل الى مدينة مشهد المقدسة، ودُفن في رواق دار الزهد في حرم الإمام الرضا (ع). بعد وفاة هذا العالم الشيعي البارز أصدرت شخصيات من ذوي المناصب المدنية والعسكرية وكذلك الكيانات السياسية والدينية، برقيات تعزية ومواساة. في ما مقتطفات من برقية التعزية التي أصدرها سماحة آية الله الخامنئي ولي امر مسلمي العالم، بمناسبة وفاته:
«العمر المبارك لهذا العالم الروحاني الفاضل، مليء بالمآثر الوضاءة، فقد قضى سنوات ينهل من درس الإمام الخميني وكبار الفقهاء الآخرين في قم ومشهد، وقد رافق الامام المعظم منذ الايام الاولى للحركة الثورية ودافع بشجاعة عن هذا الرجل العظيم في أحلك أدوار الكبت الطاغوتي بكلام بليغ وصريح. وبعد انتصار الثورة تولى مسؤوليات جسيمة منها عضوية مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء. ومن ذلك صبره الجميل على شهادة ولده في قم وفي اثناء التحرك الثوري للشعب الايراني وحين حفظ القرآن والانس به ومع البحر اللامتناهي من الأحاديث الشريفة وكذلك العمل في مجال الوعظ والارشاد على المدى الطويل وبيان المعارف الإسلامية، وحين ثبات القدم على الخط الأصيل والصراط المستقيم للثورة في جميع الأحوال والى آخر الحياة... هذه محطات مهمة من من حياة هذا العالم المتقي والدؤوب وهي محفوظة له في الديوان الإلهي ومأجور عليها.»
المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، منظمة غير حكومية وعالمية شيعية تعنى بنشر معارف أهل البيت عليهم السلام وترسيخ الوحدة الإسلامية والعمل على اكتشاف وتنظيم أتباع العترة الطاهرة (ع) وتعليمهم ودعمهم.
أنشئت المنظمة علي يد نخبة من الشيعة ويشرف عليها الولي الفقيه والمرجعية الشيعية العليا.
قد قامت المنظمة منذ تأسيسها بدور إيجابي في المستوي العالمي في ترسيخ أسس الوحدة بين مختلف المذاهب الإسلامية.