حجة الإسلام والمسلمين الشهيد الحاج السيد عباس الموسوي

الخميس, 25 آب/أغسطس 2022

حجة الإسلام والمسلمين الشهيد الحاج السيد عباس الموسوي (1952-1992م) من العلماء المجاهدين اللبنانيين الذي قضى سنوات عديدة من عمره المبارك في محاربة الكيان الغاصب الصهيوني واستقلال لبنان، حتى نال الشهادة في هذا الطريق المقدس.
كان الشهيد الموسوي من مؤسسي حزب الله في لبنان، وكان الأمين العام لهذا الحزب لفترة من زمن. درس في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وتأثر بشخصية وأفكار الإمام الخميني (ره) والشهيد آية الله محمد باقر الصدر، وكان دائما من المدافعين والداعمين لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقادتها.
وفضلا عن النشاطات السياسية والنضالية، كان من مؤسسي حوزة الإمام المنتظر في مدينة بعلبك اللبنانية، وذلك بدعم من آية الله الشهيد محمد باقر الصدر، وبمساندة الإمام موسى الصدر والعلامة فضل الله، وذلك لتنظيم النشاطات التبليغية لطلاب العلوم الدينية لهذا البلد، كما كان عضو الهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت (ع).

حجة الإسلام والمسلمين الشهيد الحاج السيد عباس الموسوي

حیاته

ولد السيد عباس موسوي عام 1952م، في بلدة النبي شيت في قضاء بعلبك شرقي لبنان. كان والده يعمل معماري للمساجد. انتقلت عائلة السيد عباس إلى منطقة الشياح في ضاحية بيروت، و‍‍ذلك قضت في بلدة النبي شيت لعدة سنوات، وأكمل السيد عباس الدراسة الابتدائي فيها.

كانت زوجة السيد عباس الموسوي تُعرف بأم ياسر، التي درست الدروس الحوزوية عند أخت الإمام موسى الصدر، وبدعم من الشهيد الصدر قامت بتأسيس "مدرسة الزهراء العلمية" في مدينة بعلبك للبنانية من أجل تدريس النساء، وللشهيد الموسوي ثلاثة أبناء هم محمد وياسر وحسين وابنة واحدة اسمها بتول، استشهد ابنه حسين في سن ستة أشهر وهو في حجره على يد النظام الغاصب وقاتل الأطفال الصهيوني.

شوقه لمكافحة الكیان الصهیوني

في سن الشباب، أحب السيد عباس فلسطين، وكان حزينًا لمقتل الشعب الفلسطيني؛ لذلك ذهب إلى سوريا مع بعض أصدقائه لتلقي دورات عسكرية ضد الكيان الصهيوني، وعندما علمت عائلته أنه ذهب إلى سوريا، ذهبوا إلى سوريا لإعادته. عندما وصلت عائلته إلى موقع التدريب، رأوا السيد عباس مع فلسطيني وتونسي وأنَّه سقط على الأرض وتم كسر يده وقدميه. وأصرت عائلة السيد على أن يعود معهم ويستريح حتى تتعافى قدماه، لكنه رفض الذهاب معهم. وأخيرا، وبإصرار شديد من قبل أسرته وبالتنسيق مع مسؤول التدريب، أقنعوا السيد عباس بالعودة إلى بيروت والاستراحة لبعض الوقت. وفي رد السيد عباس على والده حينما سأله كيف يتحمل مثل هذه المصاعب وهو في هذا السن، قال: إن طريق التضحية بالنفس والشهادة يتطلب منا تحمل الكثير من المصاعب والمشاكل، ويمهد الطريق له.

علاقته مع الإمام موسی الصدر والشهید الصدر

في ليلة من الليالي رأى السيد عباس الإمام موسى الصدر في المنام، وبعد الاستيقاظ من النوم طلب من والده أن يعرفه على الإمام موسى الصدر، وفي عام 1966م، اصطحبه والده لرؤية الإمام موسى الصدر في مدينة صور، وهي مدينة في جنوب لبنان. فرح الإمام الصدر برؤية السيد عباس وأعجب بشجاعته، وبقى السيد عباس مع الإمام موسى الصدر في صور لمدة عامين، فتعلم منه الدروس الحوزوية وعلى يد بعض الأساتذة الآخرين، وبعد عامين، نصح الإمام موسى الصدر السيد عباس بالذهاب إلى حوزة النجف ومواصلة دراسته هناك. وكتب الإمام موسى الصدر رسالة إلى آية الله السيد محمد باقر الصدر يُعرف السيد عباس له.

فهاجر إلى النجف عام 1967م لمواصلة دراسته الحوزوية، وذهب إلى الشهيد الصدر، وبينما كان ينال كسب المعارف من أفكار الشهيد الصدر، وجد اهتماما شديدا واتصالًا واسعًا بالشهيد الصدر، حيث اعتبر حجة الإسلام الموسوي أن الشهيد الصدر هو التجسيد الفكري العميق وصاحب النظرة الأصولية الصحيحة للشيعة، وقال عنه: لقد كشف الشهيد الصدر عن الإسلام العظيم والأفكار المثالية، وقدّم الإسلام على أساس أنَّه فكر عالمي شمولي. وقد تأثر السيد عباس بشدة بالشهيد الصدر، وبإلهام من أفكاره تولّى نشر الإسلام في لبنان.

في النجف، قام السيد عباس بتهيئة المقدمات لتعريف السيد حسن نصر الله، الأمين العام الحالي لحزب الله في لبنان، بالشهيد الصدر. حيث أرسل الإمام موسى الصدر رسالة إلى الشهيد الصدر، يُخبره فيها أرساله السيد حسن نصر الله إليه من أجل مواصلة درسه في النجف، ولكنه لم يكن من الممكن مقابلة الشهيد الصدر، إلا من قبل بعض الأشخاص الخاصين؛ لأنَّه كان تحت انظار السلطة البعثية، فكان السيد عباس أحد هؤلاء الأشخاص الخاصين. ومن خلال التعرف على السيد عباس الموسوي، استطاع السيد حسن نصر الله أن يلتقي بالشهيد الصدر. فقدم الشهيد الصدر السيد عباس كأستاذ للسيد حسن نصر الله.

دراساته الحوزویة

وبعد اجتياز السيد عباس درس السطوح في حوزة النجف، وبالإضافة إلى مشاركته في درس الشهيد الصدر، شارك أيضًا في دروس آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي، والسيد عبد الحميد الحكيم، كما تعلم اللغتين الإنجليزية والفرنسية في النجف، وأن الشهيد الصدر دفع تكاليف دراسته للغات الأجنبية.

نشاطاته الثقافیة والسیاسیة في لبنان

مكث السيد عباس الموسوي في النجف أشرف تسع سنوات، لكنه تعرض لضغوط من قبل الحكومة العراقية؛ بسبب نشاطاته السياسية ضد النظام البعثي في ​​العراق، وكانت الحكومة عازمة على اغتياله، ولهذا السبب عاد إلى مدينة بعلبك في لبنان عام 1979م، وبإصرار من عائلته وبطلب من آية الله السيد محمد باقر الصدر بقى في لبنان.

في العام نفسه، وبالتعاون مع الإمام موسى الصدر، والعلامة السيد محمد حسين فضل الله، وبدعم من الشهيد الصدر، قام بتأسيس مدرسة الإمام المنتظر الحوزوية في بعلبك، وقد أسست زوجته أم ياسر مدرسة الزهراء الحوزوية لتعليم النساء.

نظم الشهيد الموسوي مع طلاب مدرسة الإمام المنتظر أنشطة واسعة النطاق للتبليغ، وذهبوا من أجل التبليغ إلى مدن ومناطق مختلفة في أيام شهر رمضان ومحرم.

وشارك في العديد من المؤتمرات السياسية والثقافية خارج لبنان، وألقى محاضرات فيها، مثل إيران وباكستان وسوريا وألمانيا. وكان له ارتباط بقادة الشيعة والمجاهدين في الدول الإسلامية.

تأسیس حزب الله

في عام 1979م، نظم حجة الإسلام الموسوي تجمعًا لعلماء المسلمين، من أجل تنسيق أكبر بين رجال الدين اللبنانيين. وفي أعقاب الاحتلال الإسرائيلي لبيروت عام 1982م، أسس مع مجموعة من رجال الدين المجاهدين في لبنان، وعدد من طلابه منظمة حزب الله؛ وذلك لمواجهة العدوان الإسرائيلي، وكان حتى عام 1987م، مسؤولاً عن حزب الله في جنوب لبنان.

في شهر مارس 1991م، انتخبه المجلس المركزي لحزب الله في لبنان أمينًا عامًا لحزب الله، ليصبح ثاني أمين عام للتنظيم بعد صبحي الطفيلي. وكان السيد عباس قائداً وأميناً عاماً لحزب الله لمدة تسعة أشهر فقط، واستشهد بعدها.

علاقته مع الإمام الخميني وإيران

كان لفكر الإمام الخميني وأخلاقه تأثير كبير على الأسلوب العملي والعسكري للسيد عباس، ولكنه أثناء دراسته في النجف لم يستطيع حضور دروس الإمام الخميني والاستفادة منه؛ وذلك بسبب عدم معرفته باللغة الفارسية، ولكنه بعد احتلال إسرائيل للبنان سافر إلى إيران، والتقى بالإمام الخميني. وفي هذا السفر، تعرف على أفكار وطريقة الإمام الخميني وأعجب به، وفي لبنان دافع بقوة عن الثورة الإسلامية والإمام الخميني، وقد ذاب السيد عباس في الإمام الخميني، حيث اعتبر السيد عباس الإمام الخميني معنى حياته ووجوده، وقدمه على أنه مساعده ورفيقه في جميع أسفاره وغربته. فبالنسبة للسيد عباس، كان الإمام الخميني بمثابة الخيمة التي يلجأ إليها ويشعر بالهدوء والأمان فيها، حيث كانت وفاة الإمام الخميني صعبة ومؤلمة للغاية له.

كان الشهيد عباس الموسوي أيضًا من المريدين والمعجبين بآية الله السيد على الخامنئي، وكان أول شخص في لبنان يخاطبه تحت عنوان الإمام بعد انتخابه قائداً لجمهورية إيران الإسلامية.

وقد عدّ السيد عباس إيران موطنه الثاني، وكان يأتي إلى إيران كلما واجه أي مشاكل مصيرية، للتفاوض مع المسؤولين الإيرانيين وإيجاد حلول لتلك المشاكل.

وخلال الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات، شارك في (عملية والفجر) للدفاع عن إيران، لكنه عاد إلى لبنان بناءً على طلب الإمام الخميني والمسؤولين.

شخصیته

منذ سن مبكرة، تلقى السيد عباس تربيته على يد والديه بمفاهيم مثل البسالة، والشجاعة، والشهامة، والتضحية، والاهتمام بشؤون الفقراء والمحرومين. وكان قلقًا على أوضاع المسلمين، ويشعر بالتعاطف والالتزام اتجاههم.

عاش السيد عباس حياة بسيطة تمتاز بالزهد، وبعد استشهاده لم يترك الكثير من ثروة وأموال، ما عدا بعض أثاث البسيطة للحياة، التي لم تكن كافية لسداد ديونه. وذكر السيد حسن نصر الله، أنَّه كان رجلاً متواضعاً، وعاشقاً للفقراء، يأنس بالفقراء والمحتاجين، وكان عاشقاً للمجاهدين والشهداء. وكان دائما يهتم بالأيتام والفقراء والأسرى ويساعدهم، وقد أثنى عليه جميع محبيه ومعارفه وأشادوا به.

شهادته

سافر حجة الإسلام والمسلمين السيد عباس موسوي إلى قرية جبشيت في 6 فبراير 1992م، لحضور الذكرى السنوية لوفاة الشيخ راغب حرب، أحد قادة حزب الله، والمعروف بشيخ شهداء المقاومة اللبنانية، وبعد أن حضر الحفل وألقى كلمة فيه غادر إلى بيروت. وبحسب معلومات حصل عليها جواسيس إسرائيليون في لبنان، هاجمت مروحيات إسرائيلية في منطقة تفاحتا موكب السيد عباس الموسوي، مستهدفة سيارته بضربات الصواريخ، فاستشهد السيد عباس وزوجته ونجله حسين الذي كان برفقته والبالغ من العمر ستة أعوام.

كشف أحد الطيارين الذين هاجموا موكبه عام 2008م تفاصيل اغتياله، ونشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عام 2012م، حيث قال الطيار إنّ عملية الاغتيال تمت بأمر مباشر من إيهود باراك، رئيس أركان الكيان الصهيوني آنذاك.

وبعد استشهاد السيد عباس الموسوي، أصبحت لبنان في حداد، وسافر عشرات الآلاف من المسلمين من جميع أنحاء العالم إلى بيروت لحضور تشييع جنازته. وقدرت صحيفة الديار عدد المشيّعين بـ 950 ألفاً، ودفن في مسقط رأسه بلدة النبي شيت.

وعقب الاغتيال، أصدر قائد الثوة الإسلامية آية الله الخامنئي، برقية تعزية، كما بعث العلامة فضل الله والسيد حسن نصرالله برقية تعزية وأشادوا به.

وجاء في جزء من برقية التعزية التي أرسلها آية الله السيد علي الخامنئي حول الشهيد الموسوي:

المؤلفات التي كُتبت عنه

تم إصدار العديد من المؤلفات المكتوبة والإنتاجات الإعلامية حول السيد عباس موسوي، ومنها:

من الكتب التي تحدثت عنه كتاب "حياة ونضال الشهيد السيد عباس الموسوي" من تأليف غلام رضا گلي زواره، وكتاب "زُبَر الحديد 2" من تأليف فاطمة مصلح زاده. وصدر الرقم الأربعين من مجلة "شاهد ياران" الشهرية بعنوان "الزيتون الأحمر" في مارس 2009م بخصوص الشهيد السيد عباس الموسوي، حول حياته وشخصيته.

ومن جملة الأعمال الفنية حول الشهيد فيلم وثائقي بعنوان "حياة طيبة وموت طيب" من إنتاج مجموعة ملحمة ودفاع التابعة للقناة الأولى لتلفزيون جمهورية إيران الإسلامية، والفيلم الوثائقي "زيتون مرّ" من إنتاج قناة طهران، ومسلسل "الغالبون 2"، والذي تم عرضه لأول مرة في شهر رمضان 1434 هـ على قناة المنار، وبالدبلجة الفارسية في شهر رمضان 1435 هـ على قناة آي فيلم التلفزيونية في الجمهورية الإسلامية.

 

 

 

المجمع العالمي لأهل البيت (علیهم السلام)

المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام، منظمة غير حكومية وعالمية شيعية تعنى بنشر معارف أهل البيت عليهم السلام وترسيخ الوحدة الإسلامية والعمل على اكتشاف وتنظيم أتباع العترة الطاهرة (ع) وتعليمهم ودعمهم.

أنشئت المنظمة علي يد نخبة من الشيعة ويشرف عليها الولي الفقيه والمرجعية الشيعية العليا.

قد قامت المنظمة منذ تأسيسها بدور إيجابي في المستوي العالمي في ترسيخ أسس الوحدة بين مختلف المذاهب الإسلامية.

  • ایران - تهران - بلوارکشاورز - نبش خیابان قدس - پلاک 246
  • 88950827 (0098-21)
  • 88950882 (0098-21)

اتصل بنا

موضوع
البريد الإلكتروني
الرسالة
4+9=? قانون الضمان